About Me

header ads

اطلقوا العنان للأطفال ، فهم رواد المستقبل



اطلقوا العنان للأطفال ، فهم رواد المستقبل

الابتكار هو سمة العصر في مختلف المجالات والخبرات أكانت هندسية أو طبية أو تعليمية أو زراعية أو ضمن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

في المقابل ، التعقيدات المتراكمة التي تنتج عن الاقتصاد الجديد المعتمد كلياً على التكنولوجيا كشفت عن نقص كبير في المواهب، وهذا أمر يجب أن يسترعي الاهتمام، ليس فقط في سلطنة عُمان ولكن في دول مختلفة من حول العالم، لذا نرى دولاً كالولايات المتحدة الأميركية والصين وغيرها التي باتت تركز على التعليم الابداعي .

الوضع في عُمان ليس مغايراً، لكن يبدو أننا تنبهنا لذلك مؤخراً على خلفية بعض الأحداث، يضاف إلى ذلك مواجهة حقيقة أن مواردنا الطبيعية قد بدأت تستنفذ، مما يحتّم على الجميع التركيز على قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. يبدو أن الحل الوحيد المتوفر الآن وفي المستقبل هو التركيز على التعليم الأساسي الذي يعتمد على تطوير المهارات القادرة على التعايش مع العصر التقني الذي سيطر على كل مكونات يومياتنا.
المناخ العُماني يتطلب الكثير من الجهد والتركيز بدءاً من الأهل. يجب عليهم ادراك حقيقة أن الأسواق تفتقر للمعايير الجديّة في الاستجابة لعملية مد الجسور بين العقبات التي تنتج عن العصر التقني واهمها الهوة بين متطلبات السوق وتوفّر القوى العاملة. هذا يتطلب من الأهل توفير نظام تعليمي لأطفالهم على مستوى الدولة واعادة هندسة النظام التعليمي على المدى الطويل ليتناسب مع المتغيرات السريعة وملائمة متطلبات السوق. هنالك حاجة ماسة لبناء علاقة جديدة بين الأهل وأولادهم وبين الكادر التعليمي والتلاميذ.
يقال الكثير الآن عن تحفيز التعليم في العلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات (STEM )، ولكن مع التطوّر الذي نشهده واحتلال التكنولوجيا لجزء كبير من حياتنا، فإن تحفيز التعليم في العلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات لن يكون مجدياً إذا بدأ مع الجامعة فقط أو يعتبر من المحفزات التي تقدمها الشركات لموظفيها.
يجب أن تبدأ هذه العملية باكراً، إذ يجب تأهيل عقول الأطفال بشكل مبكر، ويجب علينا تنمية وتشجيع الحس الريادي لديهم كما تنمية حس الفطنة والحشرية الطبيعية حتى يستطيعوا طرح كافة الأسئلة من دون خوف (يجب علينا الاقرار بأنهم يقومون بتحدي البالغين مرات عدة من خلال الاسئلة التي يطرحونها)، فلا يجب علينا قمع عملية بناء مفاهيمهم.
يجب أن يقوم الاستاذة بخطوة اضافية لبناء علاقة مع الأطفال وتنمية اهتماماتهم في العلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات. ليس الأمر بالمهمة الصعبة، فيمكن الاعتماد على الليغو والرسومات الثلاثية الأبعاد وتصميم التطبيقات والألعاب في ذلك. شجعّهم على استخدام ايديهم في مهارات حرفية، فلماذا تقوم بوضع الحواجز أمامهم في حين أنهم لا يقومون بذلك بأنفسهم؟ إنها الفرصة المناسبة لهم لخلق فرص جديدة لنا، إذ يسهّل ذلك علمية التعلّم في سن مبكرة. يجب علينا ثقل مواهبهم خلال مراحل نموهم المهمة حين يتمتعون بالثقة والشجاعة لاكتشاف واستكشاف أفكارهم. من السهل اثارة حشريتهم، مساعدتهم على البناء، اختراع، تفكيك، اكتشاف وبالتالي التمتع بعملية التعلّم.
إن الهوة بين الطلاب والأساتذة تتسع حالياً. يشعر التلاميذ أن الأجوبة التي يبحثون عنها هي في متناول يدهم من خلال هواتفهم الجوالة، في حين يقوم الأساتذة باغراقهم بالكتب الثقيلة التي لا تستقطب اهتمامهم. يجب على الأستاذة مد التلاميذ بتجربة غنية غير تقليدية حيث يمكنهم استخدام وسائل تعليم مبتكرة تلهم التلاميذ على زيادة اهتمامهم بالعلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات.
مع اختلاف نوعية المعضلات التي نطرحها أمام الأطفال، فإنه من اللافت للنظر الحس المنطقي الذي يتمتعون به منذ صغرهم لحل هذه المشكلات. هنالك العديد من الخيارات الأخرى غير العلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات لتحفيز التفكير الابتكاري من خلال تشجيع الأطفال على المشاركة في معارض العلوم حيث يتم عرض مشكلات حقيقة تتيح فرص تعلّم حقيقية تترابط مع العلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات.
من المعروف الحس الطبيعي عند الأطفال للتنافس، لذلك يجب علينا أن نعرفهم ونؤهلهم للمشاركة بالمسابقات الوطنية لتحفيز اهتمامهم على قاعدة : انا أريد وليس يتوجب عليّ. يضاف إلى ذلك العديد من البرامج الأخرى التي تشجع الأولاد الأكبر سناً للمشاركة في مخيمات صيفية ودورات متخصصة بعد انتهاء المدرسة مثال أنشطة المسؤولية الاجتماعية التي تساهم في ربط جانبهم الانساني مع العالم الخارجي الحقيقي من خلال وضعهم في مناخ تعليمي حقيقي وجدّي. هذه كلها فرص لالهام الطفل على التفكير بطريقة ابتكارية ومستدامة.
تساهم هذه البرامج على عملية بناء ثقة التلاميذ بأنفسهم قبل دخولهم عالم العمل والأعمال. وقد يظهرون في احدى المجلات كرواد اعمال المستقبل.
تشهد الساحة العُمانية محاولات عدة لتسهيل عملية نمو وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مما يعني أننا نحاول استيلاد رواد أعمال تدفعهم الرغبة الذاتية. ومع ذكر ذلك، فإنه يتوجب علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا ونواجه الحقيقة، فلا يمكننا تطوير عقلية ابتكارية خلال فترة قصيرة أو حتى انتظار المعجزات التي قد تطرأ على حياة رائد أعمال جديد.
هذا الأمر حديث على العامة مع بعض الاستثناءات، فقلة قليلة استطاعت ركوب القطار من المحطة المناسبة في الوقت المناسب. اليوم، تدفق عدد كبير من رواد الأعمال في مجالات جديدة (الطباعة الثلاثية الأبعاد، الطائرات الموجهة من دون طيار، التطبيقات والروبوتكس) يعني أن قصتهم بدأت من أيام الجامعة حيث اعتمدوا على مهاراتهم في البرمجة وتعاونوا مع نظرائهم في عملية دمج للخبرات والمهارات.
يتم التعاطي مع المتغيّرات اليوم كونها تحديات، وهذا يتطلب الكثير من الاستثمار والأبحاث، التعاون، الاستعانة بخبرات أجنبية، التدريب وتطوير مهارات مميزة للنظام التعليمي، حيث يمر الأساتذة أحياناً بمراحل عدم ثقة ، وهذا حتماً لا يساعد التلاميذ على الاطلاق.
يجب على الأساتذة التخلي عن أساليب التعليم القديمة واتباع أساليب تعليم حديثة وتطوير المحتوى والمضمون ليتناسب مع متطلبات التلاميذ، فيجب على المضمون أن يكون تفاعلياً حيث يتيح مشاركة الطلاب لاثارة اهتمامهم. وبالتالي يجب تسهيل عملية تقييم التلاميذ بهدف تقليل درجة التوتر واثراء تجربتهم التعليمية .
يجب الابتعاد عن عملية التلقين غيباً والامتحانات الكثيرة، وبالتالي التركيز على دفعهم للمشاركة بمشاريع تتيح لهم أن يكونوا ضمن فريق عمل واحد، إذ هذا الذي سيحدد نجاحهم في المستقبل كرواد أعمال. يجب أن يتم التعاطي مع هذه العوامل مجتمعة بهدف وضع حلول يمكن استخدامها من دون القليل من أهمية أي عنصر، لأن ذلك قد يعني تغيراً مستداماً.
من الواضح أن المرأة العُمانية استفادت من الفرص التي قدمتها التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال التي ساهمت إلى حد بعيد باطلاق أعمالهن من المنازل، وهذا ساهم إلى حد ما بردم الهوة التقنية بين الأجيال، ولكن يجب توجيه الشباب على المواضيع التي تتمحور حول العلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات لتطوير مفاهيمهم واثراء تجاربهم واطلاق العنان لامكاناتهم.
ليس عندي أدنى شك من أن ذلك قد يعني مستقبلاً واعداً واقتصاداً قوياً، ولكن يمكن تحقيق ذلك من خلال الاستثمار التكتيكي في الأنظمة التعليمية انطلاقاً من المنزل، يضاف إلى ذلك المناهج غير المدرسية، وصولاً للمدارس والمختبرات العملية والتسهيلات التعليمية الأخرى. يجب أن توفر هذه الوسائل التعليمية فرص أمام التلاميذ للاكتشاف والبحث والمشاركة في التدريب في مناخ يساعد على ثقل مواهبهم الريادية التي يحتاجونها في المستقبل والتي قد تحقق الازدهار لهم ولمن حولهم.
إن عملية تسهيل التغيير تعني في الدرجة الأولى أنه يتوجب علينا أن نزيل الحواجز الحالية وعندها يمكننا تفكيك رموز التعليم في العلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات.
هنالك بعض التدخلات الحكومية في عُمان كغيرها من الدول، ولكن يجب علينا التأقلم مع التغييرات السريعة لخلق وظائف وتأمين مكانتنا في الاقتصاد المشترك الصلب.
يجب علينا القيام بذلك بطريقة صحيحة خاصة وأننا لا نزال في مرحلة التطوير، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الالتزام، التعاون الجماعي، التكامل، الغاء التراكمات والاستثمار بطريقة ذكية لايجاد قوى عاملة مجهزة بالعلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات.
إن الحاجة واضحة جداً وستكفل عملية التغيير إيجاد فرص عمل جديدة للمتخرجين الجدد. هنالك العديد من الأمثلة الناجحة حول العالم، ويمكننا أن نكون أحد هذه الأمثلة. هذه استراتيجية طويلة الأمد، ولكننا لا نملك عامل الوقت، لذا يتحتم علينا البدء في هذا العملية اليوم. يجب علينا الاسراع في عملية تطوير ونمو قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عُمان نظراً للدور الحقيقي الذي تلعبه، والذي يتطلب توفّر قوى عاملة قوية مجهزة بالعلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات والتي تساهم في تلبية الطلب على الابتكار، الوظائف الجديدة والاقتصاد المستدام.

إرسال تعليق

0 تعليقات